Arab Wall

الكنيسة / حياة الكنيسة رسالة البطريرك الماروني لمناسبة زمن الصوم

The Maronite Patriarch Cardinal Mar Bishara Boutros Al Rai تحت عنوان " ثمار تدلّ على التوبة" وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالته لزمن الصوم 2018 واستهلها قائلاً "زمنُ الصّوم الكبير مسيرةٌ روحيّة نستعدّ خلالها للعبور مع فصح المسيح إلى حياة جديدة، عبر توبة القلب وثمارها. فلمّا بدأ يوحنّا



المعمدان رسالته في إعداد القلوب والنّفوس للمسيح الآتي، ممارسًا معموديّة الماء للتوبة، قال للآتين إليه طالبين هذه المعموديّة: "أثمروا ثمرًا يدلّ على توبتكم" (متى 3: 8). هذه الثّمار هي أربع: السَّير في نور الحقيقة، والصّلاة، والصّوم، والصّدقة. والتّوبة وثمارها تجعل من الصّوم الكبير زمنًا مقبولاً لدى الله، يجدّدنا مع الطّبيعة الّتي، من بعد أن تعرّت من عتيقها في زمن الشّتاء، تلبس ثوب الرّبيع من أجل مواسم العطاء".

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، قال البطريرك الراعي في رسالته لزمن الصوم إن "التّوبة فضيلة وسرّ. هي فضيلة قوامها رجوع القلب إلى الله بالإرتداد عن الخطيئة وحالتها؛ والإبتعاد عنها وعن أسبابها، مع كره للشّر وللأفعال السّيئة التي اقترفناها. وفي الوقت عينه تنطوي على رغبة ومقصد بتغيير المسلك الحياتي، مع الرّجاء المتّكل على رحمة الله، والثقة بمساعدة نعمته. وهي سرّ مقدّس يرتكز على إقرار التّائب بخطاياه أمام الكاهن، صاحب السّلطان الإلهي، الذي يحلّه منها. ويدعى هذا السّر "سرّ التّوبة أو الإعتراف أو المصالحة". السّر وسيلةٌ تحقّق توبة القلب بفضل النعمة الإلهيّة التي تمحو الخطايا، وتعطي التّائب قلبًا جديدًا، وتعضده في مقاصده لئلّا يسقط من جديد، ولكي ينتصر على تجارب الشّيطان ومغريات الحياة، وبخاصّة إذا اقترن سرّ التوبة بسرّ القربان، لأنّ فيه ذبيحة المسيح التي صالحتنا مع الله، والتي تغذّينا وتقوّينا في عيش حياة المسيح. إنّها الدواء الذي يعطينا مناعة ضدّ السقطات اليوميّة والخطايا المميتة".

ومما جاء في رسالة البطريرك الراعي إن "الصّوم الكبير هو زمن الإصغاء لصوت الله الذي يكلّمنا بشخص المسيح وتعليمه وأفعاله وآياته. يقول عنه القديس برنردوس انّه "الكلمة المسموعة بالأذن، والمرئيّة بالعين، والملموسة باليد". كلمةُ الله تنبع من قلبه، وتريد الوصول إلى قلب الإنسان، كما قال لحزقيال النّبي :"كلماتي التي أقولُها لك، إحفظْها في قلبك" (حز 3: 10). لذا، يشترط الرّبّ يسوع، من أجل قبولها وفعلها فينا، ثلاثة: سماعها بالقلب وليس فقط بالأذن والعقل؛ وحفظها كالخميرة في العجين والزّرع في الأرض الطّيّبة؛ والعمل بها بأفعال وأقوال ومبادرات تعكس تفاعلها مع كياننا الدّاخلي (راجع لو8: 19-21، 11: 28)." وأشار غبطته إلى أن "الصلاة هي ثمرة سماع كلام الله، إذ نصوغ صلاتنا من كلماته. فمَن لا يسمع كلام الله لا يعرف كيف يصلّي. الصلاة هي ارتفاع العقل والقلب والفكر إلى الله، ونسيان كلّ الباقي". وأضاف أيضًا أن "الصوم الكبير، بما يحتوي من رياضات روحيّة وأصوام وإماتات وتوبة، هو زمن الصلاة بامتياز. فلا تكون صلاتنا من الشفاه، فيما الفكر والقلب بعيدان عن الله (راجع متى 6: 5-6). ولا تكون بملل، فالربّ يوصينا: "إسهروا وصلّوا، لئلّا تقعوا في التجربة" (متى26: 41). والصلاة عن إيمان تنال مبتغاها. ولهذا حثّنا الربّ عليها: "إسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا، إقرعوا يُفتح لكم. فمَن يسأل ينل، ومَن يطلب يجد، ومَن يقرع يُفتح له" (متى7: 7-8)." وقال البطريرك الماروني "ترتبط الصدقة ارتباطًا وثيقًا بالصوم. نحرم ذواتنا من مأكل ومشرب لكي نساعد الفقير والمحتاج بدلًا من ذواتنا. هذه هي حكمة الصوم والصدقة الضاربة جذورها في الكتب المقدّسة. فالصوم الذي يرتضيه الله، وقد أعلنه بلسان أشعيا النبي إنّما هو "كسر خبزك للجائع، وإدخال البائسين بيتك، وكسوة العريان، وعدم إهمال مَن هم في حاجة (أش 58: 7)، فضلًا عن أعمال الرحمة الأخرى من مثل: "حلّ قيود الشّر، وفكّ ربط النير، وإطلاق المسحوقين أحرارًا" (أش 58: 6)". 

وختم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالته قائلاً "زمن الصوم الكبير هو المناسبة السنوية المقدّسة التي فيها نرمّم علاقتنا المثلّثة: الأولى مع الله، بالتوبة إليه والصلاة والاستنارة بكلامه؛ والثانية مع الذات بالصوم والقطاعة وتحرير الإرادة من ضعفها وعبودياتها؛ والثالثة مع إخوتنا المعوزين بالتصدّق عليهم لا بروح التعالي والانزعاج، بل بروح التقاسم وبدافع من المحبّة. وهكذا، من خلال هذا الترميم المثلّث الأبعاد، نستعدّ لفصح المسيح الذي هو فصحنا بنعمة موته فداءً عن خطايانا، ونعمة قيامته لتبريرنا (راجع روم 4: 25)."

©  http://ar.radiovaticana.va/news/ 2018/02/10/